لنا: أن العلم بتحقق أمر في الحال يقتضى ظن بقائه في الاستقبال، والعمل بالظن واجب، ولا معنى لكونه حجة إلا ذلك؛ إنما قلنا: (إن العلم بتحقق أمر في الحال يقتضى ظن بقائه في الاستقبال) لأن الباقي مستغن عن المؤثر، والحادث مفتقر إليه، والمستغنى عن المؤثر راجح الوجود بالنسبة إلى المفتقر إليه.
إنما قلنا: (إن الباقي مستغن عن المؤثر) لأنا لو فرضنا له مؤثرًا، فذلك المؤثر: إما أن يقال إنه: صدر عنه أثر، أو ما صدر عنه أثر:
والثاني محال؛ لأن فرض المؤثر بدون الأثر متناقض.
وأما الأول، فأثره: إما أن يكون شيئًا، ما كان موجودًا، أو كان موجودًا، فإن قلنا: إنه ما كان موجودًا كان الأثر حادثًا، لا باقيًا، وإن قلنا: إنه كان موجودًا كان ذلك تحصيلاً للحاصل؛ وهو محال؛ فثبت أن الباقي مستغن عن المؤثر.