مثاله: ما سألني عنه بعض الناس في جواز تقليد مالك في طهارة ما خرز بشعر الخنزير؟
فقلت: يجوز؛ غير أنى أخشى عليك أن تمسح بعض رأسك، أو تترك التدلك في طهارتك، فيجتمع الإمامان على الفتيا ببطلان صلاتك، يبطلها مالك لعدم التدلك، والشافعي لنجاسة شعر الخنزير، فإذا أردت اتباع مالك في هذه المسألة، فلا توقع في صلاتك ما يقول: إنه مبطل لصلاتك، وإلا فابق على مذهب الشافعي مطلقًا.
وقس على ذلك نظائره.
قال بعض العلماء: (لا يجوز اتباع رخص المذاهب، بل يجوز الانتقال إلى مذهب بكماله).
فإن أراد ما هو على خلاف تلك الأمور الأربعة، التي ينقض فيا قضاء القاضي فمسلم.
وإن أراد ما فيه توسعة على المكلف -وإن لم يكن على خلاف ذلك.
فلم قال: إنه ممنوع؟ بل قوله عليه السلام: (بعثت بالحنيفية السمحة السهلة) يقتضى جواز ذلك؛ لأنه نوع من اللطف، والشريعة لم تر لمقصد إلزام العباد المشاق، بل بتحصيل المصالح الخاصة، أو الراجحة، وإن شقت عليهم.
(فائدة)
قال ابن برهان في كتابه (الأوسط): (يتخرج على الخلاف في هذه المسألة تقليد الصحابة -رضوان الله عليهم -لأن مذاهبهم لم يكثر فروعها، حتى تكفى المكلف طول عمره فتوى ذلك الصحابي؛ بخلاف مذاهب المتأخرين، كل مذهب منها لاتساعه يكفى المكلف طول عمره).