وإن كان له فيه غرض، جاز أن يكون ذلك الغرض شيئًا سوى التصديق، فلو قطع العامي بأن ذلك الفعل الخارق للعادة، لابد وأن يكون دالا على صدق المدعي؛ من غير دليل يدل على فساد هذه الأقسام - كان مقلدًا في اعتقاد هذه المقدمة؛ فلم يكن محققًا في النتيجة؛ فظهر بهذا فساد ما قالوا من الفرق بين صاحب الجملة، وبين صاحب التفصيل؛ وحينئذٍ: لا يبقي إلا أحد أمرين: إما أن يقال: بأن الإحاطة بأدلة الدين على تفصيلها وتدقيقها شيء سهل هين، وذلك مكابرة، وإما أن يقال: يجوز فيه التقليد، كما جوزوا في فروع الشرع التقليد؛ وحينئذٍ: لا يبقي بينهما فرق ألبتة.

واحتج منكرو التقليد في فروع الشرع؛ بأمورٍ:

أحدها: قوله تعالى:} وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون {.

وثانيها: أن الله تعالى ذم أهل التقليد بقوله تعالى:} إنا وجدنا آباءنا على أمة {.

وثالثها: قوله - عليه الصلاة والسلام -: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) توافقنا على خروج بعض العلوم عن هذا العموم، فبقي العلم بفروع الشرع وأحكامه.

ورابعها: القول بجواز التقليد يفضي إلى بطلانه؛ لأنه يقتضي جواز تقليد من يمنع من التقليد، وما يفضي ثبوته إلى عدمه، كان باطلاً.

وخامسها: قوله - عليه الصلاة والسلام -: (اجتهدوا؛ فكل ميسر لما خلق له) أمر بالاجتهاد مطلقًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015