وتختلف الفتاوى بجعل الشارع للحاكم، أن ينشئ حكمًا في تلك المواطن بما يراه من تلك الاحتمالات، أو الفتاوى المجتهد فيها، ويكون ذلك حكمًا على الخلق كلهم، اقتضى ذلك حكمه رفع الخصومات، وسد باب المشاجرات، فيستقر ما حكم به الحاكم، ولا يتمكن المفتى - بعد ذلك - من إباحة نقض، ولا إثبات ضده.

ولا يمكن رفع الخصومات من العالم إلا بذلك؛ إذ لو بقي باب القسامة مفتوحًا، لكان للخصم التمسك بقول المفتى الآخر، فهذه الحكمة الموجبة لجعل ذلك للحكام.

فحكم الحاكم في ذلك بيانه عن الله - تعالى - بإذن الله - تعالى - له في ذلك إجماعًا، فهو كنص وارد من الله - تعالى - وخصوص تلك الواقعة تقدم على دليل المجتهد العام، ويبقي المجتهد في غير هذه الصورة على مقتضى دليل عمومه.

مثاله: دل الدليل عند الشافعي - رحمه الله - على أن قول القائل للمرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، على أن هذا الطلاق لا يلزم بحكم حاكم بوقوع الطلاق فيه في امرأة معينة.

فقول الشافعي هذا نص خاص قد ورد في خصوص هذه المرأة، فأفتى بعدم الطلاق فيما عدا هذه الصورة تمسكًا بالعموم بحسب الإمكان، وتقديمًا للخاص على العام، كما إذا قال الله تعالى:) لا تقتلوا زيدًا المشرك) بعد قوله تعالى:} فاقتلوا المشركين {؛ فإنا لا نقتله إجماعًا ويتمسك بالعموم في غيره، فكذلك هاهنا.

وهذا الذي ينشأ عن الحكم هو إلزام للفعل، أو الترك، أو إباحة، ولا يتصور فيه الندب، والكراهة؛ لعدم مناسبتها لدفع الخصومات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015