قوله: (كيف يكون مخطئًا بالعدول عن الأشبه)، وكيف ينقص ثوابه، إذا لم يظفر؟ ما لم يكلف بإصابته، ولا سبيل له إلى إصابته لعدم الدلالة والأمارة):
قلنا: لأنه - عند الخصم - كدفين يعثر عليه بالبحث، وبالسعادة لا بالأمارة، فيحصل الخطأ؛ لعدم مصادفته؛ لأنه لم يصادف الذي هو الأرجح عند الله تعالى.
وأما نقصان الثواب مع عدم التكليف فغير بعيد من قواعد الشرع؛ لأن الحائض ينقص ثوابها بعدم الصلاة والصوم؛ لقوله عليه السلام: (وأما نقصان دينهن، فتمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي) مع أنها غير مكلفة بالصلاة، والصوم.
ولأن العاجز عن رتبة المتصدقين، لا يحصل له ثوابهم، كما جاء في الحديث الصحيح، لما شكا الفقراء الأغنياء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: نصلى ويصلون، ونصوم ويصومون، ويتصدقون ولا نجد فأمرهم - عليه السلام - بالأذكار المشهورة عقيب الصلوات، ففعل ذلك الأغنياء، فشكا ذلك الفقراء لرسول الله عليه السلام: فقال:} ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء {، وكذلك سائر الرتب العلية، يفوت ثوابها العاجزين عنها، وهم مكلفون بها، وأراد بذلك الرسالة والنبوة، وما دونهما.
قوله: (إن استوت الأمارات عند المجتهد، يخير بينها، أو يعاود الاجتهاد):
قلنا: هذا التخريج على الخلاف المتقدم، فالتخير هو المشهور، ومراجعة الاجتهاد هو الشاذ المحكي - عن بعض الفقهاء - كما تقدم.