ومن النوع الأول: قوله تعالى:} .... أن يقتل مؤمنًا إلا خطًا {أي: لم يطلع على حقيقة المقتول، فذلك القتل من غير قصد لقتله على ذلك الوجه.
قوله: (لا نعلم الرتبة التي إذا وصل إليها علم أنه معفو عنه):
قلنا: بل نعلمها بضابطها، وهو العجز مع بذل الجهد؛ فإن الإنسان يحس من نفسه العجز، كما يحس الجوع والعطش، وغيرهما.
ومتى علم العجز بالوجدان، قطع سقوط الإثم بالإجماع، فصار عالمًا بأنه في تلك الرتبة غير مكلف.
قوله: (لو عرف تلك المرتبة لكان مقرا بالمعصية؛ لأنه علم أنه لا مضرة عليه في ترك النظر الزائد مع كونه مثابًا عليه):
قلنا: لا يلزم من ذلك إغراؤه بالمعصية، إنما يلزم ذلك أن لو لم يصل إلى رتبة العجز، فهو يعلم العجز، ويعلم أنه لو وصل لتلك الرتبة لأثيب، ولا يلحقه ضرر في تلك الرتبة، غير أنه كيف يقدر أن يصل إلى ما هو منفعة له، ومثوبة غير مضرة له؟ العجز أقعده عن ذلك كله.
قوله: (قال عليه السلام: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) مع أنهم كانوا مختلفين فلا يكون فيهم مخطئ):
قلنا: المجتهدون كلهم اتباعهم هدى؛ فإن كل مجتهد قوله طريق إلى الله - تعالى - وسبب السعادة، من اتبعه كان على منهج من الحق، ما لم يخالف المجتهد قاطعًا، أو ما ينقض قضاء القاضي إذا قضى بخلافه.
ووجه تخصيص الصحابة - رضي الله عنهم - من وجوه امتازوا بها على غيرهم:
أحدها: أن أقوال كل واحد منهم، وأفعاله تكون مدركًا شرعيا مستقلاً