"القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالة على علية الوصف في الأصل"

النوع الثالث

"القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالة

على علية الوصف في الأصل"

وقد ذكرنا في كتاب القياس: أن الطرق الدالة على علية الوصف في الأصل: إما الدليل النقلي، أو العقلي: أما الدليل النقلي: فإما أن يكون نصا أو إيماء:

أما النص: فقد يكون بحيث لا يحتمل غير العلية، وهو ألفاظ ثلاثة، وهي قوله: (لعلة كذا"، أو لسبب كذا، أو لأجل كذا" فهذا مقدم على جميع الطرق النقلية، وأما الذي يحتمل غير العلية، ولكنه ظاهر جدا فألفاظ ثلاثة، وهي: اللام، وإن، والباء" وحرف اللام مقدم على (إن والباء"؛ لأن (اللام" ظاهر جدًا في التعليل، وأما لفظ (إن" فقد يكون للتأكيد، ولفظ (الباء" قد يكون للإلصاق؛ كقولك: (كتبت بالقلم"، وقد يفيد كونه محكومًا به؛ كقوله - عليه الصلاة والسلام -: (أنا أقضى بالظاهر".

أما حيث تأتي لا للألة، ولا لأن تكون محكومًا به - كان مرادفًا لـ"اللام" فإنه لا فرق بين أن يقال: (قتلته لجنايته" و (قتلته بجنايته".

وأما (الباء" و"إن" أيهما المقدم؟ ففيه احتمال.

وأما الإيماءات، ففيها أبحاث:

أحدها: أنا بينا أن دلالة الإيماء على علية الوصف في الأصل لا تتوقف على كونه مناسبًا، ولكن الوصف الذي يكون مناسبًا راجح على ما لا يكون كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015