يجوز ألا يكون التعادل الخارجي عبثا أيضا؟! ثم ما ذكرتموه يشكل بما إذا أفتى مفتيان: أحدهما بالحل، والآخر بالحرمة، واستويا في ظن المستفتي، ولم يوجد الرجحان؛ فإنما بالنسبة إلى العامي كالأمارة.
والجواب: قوله: (لما لا يجوز العمل بإحداهما؛ لأنه أحوط، أو لأنه أصل):
قلنا: إن جاز الترجيح بهاتين الجهتين، فوجوده ينافي التعادل؛ وإن لم يجز، فقد بطل كلامك.
قوله: (لم قلت: (إن التخيير إباحة؟):
قلت: لأن المحظور هو الذي منع من فعله؛ والمباح هو الذي لم يمنع من فعله؛ فإذا حصل الإذن في الفعل، فقد ارتفع الحجر، فلا يبقى الحظر ألبتة، ولا معنى للإباحة إلا ذلك.
قوله: (ذلك الفعل محظور بشرط أن يأخذ بأمارة الحظر، ومباح بشرط أن يأخذ بأمارة الإباحة):
قلنا: هذا باطل من وجهين: الوجه الأول: هو أن أمارة الإباحة، وأمارة الحظر إما أن تقوم على ذات الفعل وماهيته؛ باعتبار واحد، أو ليس كذلك؛ بل تقوم أمارة الإباحة على الفعل المقيد بقيد، وتقوم أمارة الحظر على الفعل المقيد بقيد آخر:
فإن كان الثاني: كان ذلك مغايرا لهذه المسألة التي نحن فيها؛ لأن هذه المسألة هي أن تقوم الأمارتان على إباحة شيء واحد وحظره، وعلى التقدير الذي قالوا: قامت أمارة الإباحة على شيء، وأمارة الحظر على شيء آخر؛ فإنهم لما قالوا: