بإبطاله في كتاب القياس، حيث قال: العلم بالقبح دار مع العلم بالظلم وجود وعدما، ثم للخصم أن يقول: الدوران الذي سيبطله في القياس إنما هو الدوران الظني، ومن الدوران ما هو قطعي، كدوران العلم مع الحياىة، والإرادة مع العلم في العقليات، ودوران الموت مع قطع الرأس، والتوسيط، ونحوهما من العاديات، فلم قلتم: إن هذا الدوران ظني كالذي أبطلتموه؟

وقوله: وعن حجة الحظر أن الإذن معلوم بالعقل كالاستظلال بحائط الغير، فلم قلتم: إن هذا القياس لا يدل عليه؟

وقد يقول قائل: إنه أبطل هذا القياس، فكيف جعله مستندا له هاهنا في دعواه ثبوت الإذن عقلا؟ فيقال له: هو في هذا المقام سائل معترض على أرباب الحظر، والمعترض إنما وظيفته أن يبين وجود احتمال قادح فهو أورد هذا الاحتمال ليطالب المستدل ببطلانه، لا أنه يعتقده، وذلك منتجه من كل معترض على كل مستدل، ومن الإنسان على نفسه إذا حاول الاستدلال، وإن كان يمكنه هاهنا مع الحكم في الاصل كما قاله في الإباحة، غير أنه أراد أن ينوع البحوث في الموضعين.

وقوله: "أي تناقض في الأخبار عن عدم الإباحة والحظر".

معناه: أن الاتفاق حاصل على ثبوت الأحكام العقلية قبل الشرع، إنما النزاع في الشرعية، فالحساب والهندسة وغيرهما ثابتة قبل الشرع اتفاقا، فنحن حكما بعقولنا حكما عقليا كما حكمنا بانتفاء الأحكام الشرعية، قبل البعثة، فلا تناقض بين ثبوت الحكم العقلي واتفقاء الحكم الشرعي، وسمي الحكم العقلي إخبارا، لأنه تصديق، وكل حكم تصديقي إخبارا، لأنه يقال لقائله: صدقت أو كذبت، فالخبر لازم لإدراك التصديق فعبر به عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015