لكن شدة إنكارهم على مخالفة النص تقتضي شدة احترازهم عنها، ولا طريق إلى ذلك الاحتراز إلا بذكر ذلك النص؛ فثبت أن شدة تعظيمهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - توجب عليهم: أن يذكروا نصوصه على الإطلاق.

وبهذا ظهر الجواب عن قوله: (إنه لا يجب ذكر النصوص الخفية؛ لأن الدليل الذي ذكرناه مطرد في الكل).

قوله: (لو أثبتوا مذاهبهم بالقياس، لوجب عليهم أن يذكروه):

قلنا: الفرق من وجوه:

أحدها: أن إنكارهم على مخالف النص أقوى من إنكارهم على مخالف القياس؛ فلم يلزم من ترك أقل الإنكارين ترك أعظمها؟!.

وثانيها: أن الخواطر مستقلة بمعرفة العلل القياسية؛ فلا يجب التنبيه عليها، وهي غير مستقلة بمعرفة النصوص؛ وذلك يقتضي وجوب التنبيه عليها.

فإن قلت: (لو لم يجب التنبيه على العلل القياسية، لما حسنت المناظرات): قلت: ليس كل ما لا يجب لا يحسن.

وثالثها: أن النصوص يجب اتباعها؛ فيجب نقلها، والأقيسة لا يجب اتباعها فلا يجب نقلها؛ لأن عندنا: كل مجتهد مصيبٌ.

ورابعها: أن النصوص يمكن الإخبار عنها على كل حال، وأما الأمارات: فقد يتعذر التعبير عنها، وإن كانت مفيدة للظن؛ مثل الأمارات في قيم المتلفات، وأروش الجنايات؛ ولذلك لا يتمكن المقوم من أن يذكر أمارة ملخصة في تقدير القيمة بالقدر المعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015