وأما الفرع: فهو عند الفقهاء عبارة عن محل الخلاف، وعندنا عبارة عن الحكم المطلوب إثباته؛ لأن محل الخلاف غير متفرع على الأصل، بل الحكم المطلوب إثباته فيه هو المتفرع عليه.
وهاهنا دقيقة؛ وهي: أن إطلاق لفظ الأصل على محل الوفاق أولى من إطلاق لفظ الفرع على محل الخلاف؛ لأن محل الوفاق أصل للحكم الحاصل فيه، والحكم الحاصل فيه أصل للقياس؛ فكان محل الوفاق اصل أصل القياس.
وأما هاهنا: فمحل الخلاف أصل للحكم المطلوب إثباته فيه، وذلك الحكم فرع للقياس؛ فيكون محل الخلاف أصل فرع القياس، وإطلاق اسم الأصل على أصل أصل القياس أولى من إطلاق اسم الفرع على أصل الفرع.
واعلم: أنا بعد التنبيه على هذه الدقائق نساعد الفقهاء على مصطلحهم، وهو أن الأصل محل الوفاق، والفرع محل الخلاف؛ لئلا نفتقر إلى تغيير مصطلحهم.
* * *
الكلام في القياس
قال القرافى: قال سيف الدين: القياس في اللغة التقدير، ومنه: قست الأرض بالقصبة، والثوب بالذراع، أي قدرته بذلك، فهو يستدعي أمرين يضاف أحدهما إلى الآخر بالمساواة، فهو نسبة وإضافة بين شيئين، ولهذا يقال: فلان يقاس بفلان، ولا يقاس بفلان، أي: يساويه.
قال إمام الحرمين في (البرهان): القياس مناط الاجتهاد، وأصل الرأي، ومنه يتشعب الفقه، وهو المستقل بتفاصيل أحكام الوقائع التي هي