أحدها: أن نقول: إن أردت بحمل أحد المعلومين على الآخر: إثبات مثل حكم أحدهما للآخر، فقولك بعد ذلك: (في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما): إعادة لعين ذلك؛ فيكون ذلك تكريرًا من غير فائدة، وإن كان شيئًا آخر، فلا بد من بيانه.
وأيضًا: فبتقدير أن يكون المراد منه شيئًا آخر؛ لكن لا يجوز ذكره في تعريف القياس؛ لأن ماهية القياس تتم بإثبات مثل معلوم لمعلوم آخر بأمر جامع، وإذا تمت الماهية بهذا القدر، وكان ذلك المعلوم الزائد خارجًا؛ فلا يجوز ذكره.
وثانيها: أن قوله: (في إثبات حكم لهما) مشعر بأن الحكم في الأصل والفرع مثبت بالقياس؛ وهو باطلٌ؛ فإن القياس فرع على ثبوت الحكم في الأصل، فلو كان ثبوت الحكم في الأصل فرعًا على القياس، للزم الدور.
وثالثها: أنه كما يثبت الحكم بالقياس، فقد تثبت الصفة أيضًا بالقياس؛ كقولنا: (الله عالم) فيكون له علمٌ؛ قياسًا على الشاهد، ولا نزاع في أنه قياسٌ؛ لأن القياس أعم من القياس الشرعي، والقياس العقلي، وإذا كان كذلك، فنقول: إما أن تكون الصفة مندرجة في الحكم، أو لا تكون:
فإن كان الأول: كان قوله: (بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة أو نفيهما عنه): تكررًا؛ لأن الصفة لما كانت أحد أقسام الحكم، كان ذكر الصفة بعد ذكر الحكم تكرارًا.
وإن كان الثاني: كان التعريف ناقصًا؛ لأنه ذكر ما إذا كان المطلوب ثبوت الحكم، أو عدمه، ولم يذكر ما إذا كان المطلوب وجود الصفة، أو عدمها، فهذا التعريف: إما زائدٌ أو ناقصٌ.