المسلك الخامس (القياس)

المسلك الخامس

(القياس)

قال الرازي: أجمعوا على أن الخبر الذي لا يقطع بصحته مقبول في الفتوى، والشهادات؛ فوجب أن يكون مقبولًا في الروايات، والجامع تحصيل المصلحة المظنونة، أو دفع المفسدة المظنونة، بل الروايات أولى بالقبول من الفتوى؛ لأن الفتوى لا تجوز إلا إذا سمع المفتي دليل ذلك الحكم، وعرفت كيفية الاستدلال به، وذلك دقيق صعب يغلط فيه الأكثرون.

أما الرواية: فلا يحتاج فيها إلا إلى السماع، فإذن الرواية أحد أجزاء الفتوى، فإذا كانت الفتوى مقبولة من الواحد؛ فلأن تكون الرواية مقبولة كان أولى.

فإن قيل: هذا قياس؛ وإنه لا يفيد اليقين؛ على ما تقدم.

ثم نقول: الفرق بين الفتوى، والشهادة، وقبول خبر الواحد من وجهين:

الأول: وهو أن العمل بخبر الواحد يقتضى صيرورة ذلك الحكم شرعًا عامًا في حق كل الناس، والعمل بالشهادة والفتوى ليس كذلك.

ولا يلزم من تجويز العمل بالظن الذي قد يخطئ وقد يصيب في حق الواحد-تجويز العمل به في حق عامة الخلق.

الثاني: العمل بالفتوى ضروري؛ لأنه لا يمكن تكليف كل واحد في كل واقعة بالاجتهاد، وكذا الشهادة ضرورية في الشرع؛ لأجل تمييز المحق عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015