ولم يذكر إسناده إلى غيره، فيظن أن الخبر من جهته - صلى الله عليه وسلم - ولهذا كان- عليه الصلاة والسلام- يستأنف الحديث، إذا أحس بداخل؛ ليكمل له، ومن ذلك ما روى أنه- عليه الصلاة والسلام- قال: (الشؤم في ثلاثة: المرأة، والدار، والفرس) فقالت عائشة- رضي الله عنها-: (إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك حكاية عن غيره).
ورابعها: أنه ربما خرج الحديث على سبب، وهو مقصور عليه، ويصح معناه به، وما هذا سبيله ينبغي أن يروي مع سببه، فإذا لم يعرف سببه أوهم الخطأ كما روى أنه- عليه الصلاة والسلام- قال: (التاجر فاجر)، فقالت عائشة رضي الله عنها:- (إنما قال ذلك في تاجر دلس).
وخامسها: ما روى أن أبا هريرة كان يروى أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكعب يروي أخبار اليهود، والسامعون ربما ألبس عليهم ذلك، فرووا في الخبر: أنهم سمعوا من أبي هريرة، وإنما سمعوا من كعب.
وأما سبب الكذب في الأخبار من جهة الخلف: فوجوه:
أحدها: أن الملاحدة وضعوا الأباطيل، ونسبوها إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- تنفيرًا للعقلاء منه؛ كما يروي ذلك عن عبد الكريم بن أبي العوجاء.
وثانيها: ما قيل: إن الإمامية يسندون إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل ما صح عندهم عن بعض أئمتهم؛ قالوا: لأن جعفر بن محمد قال: (حدثني أبي، وحدثني جدي، وحديث أبي وجدي حديث رسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فلا حرج عليكم، إذا سمعتم مني حديثًا أن تقولوا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
وثالثها: أن يكون الراوي يرى جواز الكذب المؤدى إلى صلاح الأمة؛ فإن