قوله: (الخائف يرى صورا لا حقائق لها):
قلنا: تلك الخبرة تهيج في الجسد لأجل الحركة النفسانية من الخوف، أو الغضب، أو المرض، فيصعد إلى العينين، فينطبع في صقال الرطوبة الجليدية، فيشاهد بالروح الباصر خارجا على نوع من الانعكاس في صفاء الهواء، على ما تقرر بسطه في علم المناظرة، وإن رأى أشكال الآدميين والأشجار فذلك؛ لأن القوة الحافظة أبرزت ما فيها من الصور المستحفظة إلى القوة المتخيلة في الرطوبة الجليدية، فيرى في الخارج على نوع من الانعكاس في جوهر الهواء، وقد بسطت ذلك في كتاب: (الاستبصار فيما تدركه الأبصار) ويرجع حاصل الجواب إلى أن هذا سبب آخر غير السبب العادي الذي جزم العقل لأجله.
قوله: (لو حصل العلم عقيب التواتر، فإما مع وجوب أن يحصل، أو مع جواز أن يحصل):
قلنا: مع وجوب أن يحصل.
قوله: (المقتضي بذلك الوجوب، إما كل واحد واحد أو المجموع).
قلنا: العلم الحاصل إنما هو بقدرة الله- تعالى- أجرى عادته- تعالى- أن يخلقه عقيب حصول هذه الإخبارات، فمتى حصل مجموع تلك الإخبارات في النفس خلق الله- تعالى- ذلك العلم على سبيل اللزوم العادي لا على سبيل الإيجاب من تلك الإخبارات، وخلقه- تعالى- العلم عقيب هذا المجموع، كخلقه- تعالى- الري عقيب مجموع قطرات الماء، والشبع عقيب مجموع اللبابات، وإنضاج الطعام عقيب توالي أفراد تلك التسخينات، ونظائره كثيرة في العالم، والكل بقدرة الله- تعالى- على سبيل اللزوم العادي، وكونه عقيب تلك الأمور من باب الربط الإلهي، ولو شاء الله- تعالى- لم يحصل ذلك الربط، وهو الخالق لهذه الآثار في