قوله: (لابد أن يعلم أن المخبر عنه لا لبس فيه):
تقريره: أن التواتر لا يفيد العم إلا في الأمور الحسية، وهو مراده أن المخبر عنه حسي؛ لأن العقلاء لو أخبر منهم جمع عظيم عن حدث العالم، أو عن حساب، أو هندسة، جوزنا عليهم الغلط حتى يظهر ذلك الدليل.
(سؤال)
قال النقشواني: دعوى المنصف أنه ضروري صحيحة، ودليله ضعيف؛ فإنه إن ادعى حصوله العلم بالتواتر للصبيان حالة طفولتهم منعناه، أو حالة كونهم مراهقين، فتلك الحالة فيها النظر والتمييز، وتحصيل العلوم بالفكر، وكذلك يقول في (البله) باعتبار الخالتين، وصعوبة الاستدلال في شيء معين لا تمنع باب الاستدلال؛ فإن الإنسان قد يستدل في العرفيات، والحسيات، والمتخيلات، وأمر المعاش، دون العقليات والإلهيات، بل ينبغي أن نقول: نحن نجد العلم يهجم على نفس السامع عقيب خبر التواتر، من غير أن يخطر بباله استدلال ألبتة، فدل على أنه ليس استدلاليا.
(الفرع)
قال سيف الدين: إذا قلنا: يفيد العلم، فاتفقت الأشاعرة والمعتزلة أنه لا يؤكد، خلافا لبعض الناس.
لنا: أنه مخلوق لله- تعالى- كسائر المخلوقات، احتجوا بأنه لو كان مخلوقا لله- تعالى- لجاز ألا يخلقه الله تعالى، قلنا: وإنه كذلك، وإنما وجوبه عادي عند الإخبارات لا عقلي.
* * *