وأما الثالث فالاعتراض عليه من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن وجود الشيء عند أبي الحسين عين ذاته؛ فإذا قلنا: "إن السواد موجود" فهو خبر، مع أنه إضافة شيء إلى شيء آخر.

فإن قلت: السؤال إنما يلزم أن لو قال: "إضافة أمر إلى أمر آخر" وإنه لم يقل ذلك، بل قال: "إضافة أمر إلى أمر" وهذا اعم من قولنا: "إضافة أمر إلى أمر آخر".

وأيضا: فقولنا:"السواد موجود" معناه: أن المسمى بلفظ "السواد" مسمى بلفظ "الموجود".

قلت: الجواب عن الأول: أن الإضافة مشعرة بالتغاير؛ إذ لو لم يكن ذلك معتبرا، لدخل اللفظ المفرد في الحد.

وعن الثاني: أن موضع الإلزام ليس هو الإخبار عن التسمية، بل عن وجوده وحصوله في نفسه، ومعلوم أن من تصور ماهية المثلث، أمكنه أن يشك في أنه، هل هو موجود أم لا؟ فموضع الإلزام هاهنا، لا هناك.

وثانيها: أنا إذا قلنا: "الحيوان الناطق يمشي" فقولنا: "الحيوان الناطق" يقتضى نسبة الناطق إلى الحيوان، مع أنه ليس بخبر؛ لأن الفرق بين النعت والخبر معلوم بالضرورة.

فإن قلت: أزيد في الحد قيدا آخر؛ فأقول: "إنه الذي يقتضى نسبة أمر؛ إلى أمر بحيث يتم معنى الكلام" والنعت ليس كذلك.

قلت: إن عنيتم بكون الكلام تاما: إفادته لمفهومه، فذاك حاصل في النعت مع المنعوت؛ لأن قول القائل: "الحيوان الناطق" يفيد معناه بتمامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015