قلنا: لا نسلم، بل تجتمع الحجتان وتضافر الأدلة ليس محالا، وقد شهد - عليه السلام - لأمته بالعصمة، وهو - عليه السلام - معصوم، فإذا تضافر القولان اجتمع المثلان من معصومين، فلم يلغ أحدهما.
قوله: (ظاهر اللفظ الكل إلا ما أخرجه الدليل من الأطفال والمجانين)
قلنا: قد تقدم في (باب العموم) أن مدلول العموم كلية لا كل، فادعاء الكل غير متجه، وإذا كان مدلول اللفظ الكلية يصير معنى الآية: وجوب إتباع كل واحد واحد من المؤمنين، وكل فرد على حياله يحرم مخالفته، وهذا لم يقل به أحد، بل يتعين أن يقال: صيغ المؤمنين متى استدل بها في كون الإجماع حجة يتعين أن يعتقد المستدل بها أنها استعملت مجازًا في غير موضوعها، وهو الكل من حيث هو كل، وهذا مجاز؛ لأن موضوعها الكلية، وهي مغايرة للكل كما تقرر في أول (العموم).
قوله: (المؤمن في اللغة: هو المصدق باللسان):
قلنا: لا نسلم، بل التصديق بالقلب، وإنما اللسان معرب عما في النفس، كما أن الكافر: من كفر بقلبه، ولم ينطق بلسانه، ولذلك يستحق الأول الخلود في الجنة، وإن لم ينطق إذا تعذر ذلك عليه، ولم يتسع له زمانه، والآخر يستحق النار إجماعًا، نطق أم لا.
قوله: (النهي لا يقتضي إمكان المنهي عنه من كل وجه؛ لأن الله - تعالى - نهي المؤمن عن الكفر، مع علمه بأنه لا يفعله):
قلنا: الخصم يقول: إن الأمة لو ورد فيها أنها معصومة تعذر ورود النهي لها عن المعاصي؛ لأن إخبار الله - تعالى - معلوم لنا بالوحي، وأما الامتناع الناشئ عن العلم، فهو أمر خفي لا يعلم إلا بوقوع أمره، فمن رأيناه على حاله علمنا أن الله - تعالى - علمها من ذلك الشخص، فلم لا يكون هذا الفرق كافيًا في الباب؟.