(تنبيه)
اختلف العلماء في لفظ (غير): هل ينصرف بالإضافة كسائر الأسماء، أو لا ينصرف كقول العرب: (مررت برجل غيرك) فتنعت به النكرات؛ لأن كل أحد يصدق عليه أنه غيرك، فكانت متوغلة في التنكير، أو الفرق بين أن تضاف لضدين لا ثالث لهما، فتنصرف كقولك: مررت بغير الساكن، فيتعين أنه المتحرك، وأيضًا لشيء لأضداده عدد كثير نحو: (غيرك) فلا تنصرف، ولهذا اختلف في قوله تعالى:} غير المغضوب عليهم {[الفاتحة:7] هل هو نعت لـ (الذين) أو بدل على هذه القاعدة؟ إذا تقرر هذا، فأمكن أن يقال: إن اسم الجنس إذا أضيف إنما يعم إذا كان المضاف يتعرف، أما إذا لم يتعرف فلا، ويكون العموم تابعًا للتعريف، كما كان الإطلاق تابعًا للتنكير.
كما أننا لو تخلينا أن (لام) التعريف في الجمع المعرف زائدة، وأنها لم تفد تعريفًا، لم يحصل العموم، وأمكن أن يقال: إن عدم التعريف لا يُخيل بالعموم؛ لأن النكرة شيء مع لا، وهي للعموم.
و (ما جاءني من أحد) نكرة، وهي للعموم، وإذا كان التعميم أعم من التعريف، لا يضر عدم التعريف؛ لأنه لا يلزم من عدم الأخص عدم الأعم، فهذا موضع نظر، فتأمله.
قوله: (إن كانت للعموم يكون معناه إن كل من اتبع كل ما كان مغايرًا لكل ما كان من سبيل المؤمنين استحق العقاب، وهذا لا يقتضي منع البعض):
قلنا: هذا بناء على أن صيغ العمومات كليات، وإنما هي كليات.
وقد بينا في أول كتاب العموم- أن مدلول العموم لو كان كلا لتعذر الاستدلال بالعموم في النفي والنهي، وإذا كان مدلول العموم كلية لا كلا، كان الوعيد في البعض كالكل سواء.