قال: وهو المختار؛ لأن النسخ له لازم، وهو ارتفاع حكم الخطاب السابق، وامتناع الخروج بالفعل الواجب عن العهدة، ولزوم الإتيان بالفعل الواجب الناسخ للإثم بتركه، والثواب على فعله، وهذه اللوازم منتفية، فينتفي الملزوم، وكذلك لزم أهل (قباء) الدخول في الصلاة لبيت المقدس، واعتد النبي - عليه السلام - لهم بالركعات المتقدمة قبل إتمام الصلاة بعد نزول الوحي قبل بلوغه إليهم، ولقوله تعالى:} وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا {[الإسراء:15]،} وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا {[القصص:59]، ولأنهم إن صلوا إلى الكعبة قبل وصول الناسخ لهم أتموا، ولم يخرجوا عن العهدة.
احتجوا بعزل الوكيل؛ فإن تصرفه لا ينقذ، وإن لم يبلغه العزل؛ ولأن النسخ إسقاط، فلا يعتبر فيه العلم والوصول كالطلاق والعتاق؛ ولأنه لو قال: (أبحت ثمرة بستاني) أبيح لكل من لم تبلغه الإباحة؛ ولأن النسخ بالناسخ لا بالعلم.
والجواب عن الأول: منع الحكم.
وعن الثاني: الفرق أن هاهنا يرفع حكم خطاب سابق، بخلاف هاهنا.
وعن الثالث: منع الحكم.
وعن الرابع: أن العلم شرط لا أنه الناسخ.
وحكي الغزالي في (المستصفى)، والإمام في (البرهان) الخلاف في النسخ في حق من لم يبلغه الناسخ، ولم يتعرضوا لكون النبي - عليه السلام - بلغه الكل، أو البعض، أو لم يبلغه لأحد.