وكان متراخيا، لم يقبل؛ لأن عموم الكتاب أجاز عتق الكافرة، فتأخير حظر عتقها في الكفارة هو النسخ بعينه، فلم يقبل فيه خبر واحد، ولا قياس، وإن كانا متقارنين، فهو تخصيص والتخصيص بخبر الواحد والقياس يجوز.
الحكم الثالث: إذا قطعت يد السارق وإحدى رجليه، ثم سرق، فإباحة قطع
رجله الأخرى رفع لحظر قطعها، وذلك الحظر إنما ثبت بالعقل فجاز رفعه بخبر الواحد والقياس، ولم يسم نسخا.
الحكم الرابع: إذا أمرنا الله تعالى بفعل، أو قال: " هو واجب عليكم " ثم خيرنا بين فعله، وبين فعل آخر، فهذا التخيير يكون نسخا لحظر ترك ما أوجبه علينا، إلا أن حظر تركه كان معموما بالبقاء على حكم العقل، وذلك لأن قوله: " أوجبت عليكم هذا الفعل " يقتضي أن للإخلال به تأثيرا في استحقاق الذم، وهذا لا يمنع من أن يقوم مقامه واجب آخر، وإنما نعلم أن غيره لا يقوم مقامه؛ لأن الأصل: أن غيره غير واجب، ولو كان واجبا بالشرع، لدل عليه دليل شرعي، فصار علمنا بنفي وجوبه موقوفا على أن الاصل نفي وجوبه، مع نفي دليل شرعي، فالمثبت لوجوبه: إنما رفع حكما عقليا، فجاز أن يثبته بقياس، أو خبر واحد.
مثال ذلك: أن يوجب الله تعالى علينا غسل الرجلين، ثم يخبرنا بينه، وبين المسح على الخفين، وكذلك إذا خيرنا الله تعالى بين شيئين، ثم أبت معهما ثالثا.
فأما إذا قال الله تعالى: " هذا الفعل واجب وحده " أو قال: " لا يقوم غيره مقامه " فإن إثبات بدل له فيما بعد رافع لما علمناه بدليل شرعي؛ لأن قوله: