وإن كان المزيد عليه، لو فعل على حد ما كان يفعل قبل الزيادة، فصح فعله، واعتد به، ولم يلزم استئناف فعله، وإنما يلزم أن يضم إليه غيره لم يكن نسخا؛ نحو زيادة التغريب على الجلد، وزيادة عشرين على حد القذف.
واعلم أن لابي الحسين البصري، رحمه الله، طريقة في هذه المسألة هي أحسن من كل ما قيل فيها، فقال: النظر في هذه المسألة يتعلق بأمور ثلاثة:
أحدها: أن الزيادة على النص، هل تقتضي زوال أمر، أم لا؟ والحق: أنه يقتضيه؛ لأن إثبات كل شيء، لا أقل من أن يقتضي زوال عدمه الذي كان.
وثانيها: أن هذه الإزالة، هل تسمى نسخا؟
والحق: أن الذي يزول بسبب هذه الزيادة إن كان حكما شرعيا، وكانت الزيادة متراخية عنه، سميت تلك الإزالة نسخا، وإن كان حكما عقليا، وهو البراءة الأصلية، لم تسم تلك الإزالة نسخا.
وثالثها: أنه هل تجوز الزيادة على النص بخبر الواحد والقياس، أم لا؟
والحق: أنه إن كان الزائل حكم العقل، وهو البراءة الأصلية، جاز ذلك، إلا ان يمنع منه مانع خارجي، كما لو قيل: خبر الواحد لا يكون حجة فيما تعم به البلوى، والقياس لا يكون حجة في الحدود والكفارات؛ إلا أن هذه الموانع لا تعلق لها بالنسخ من حيث هو نسخ.
وأما إن كان الحكم الزائل شرعيا، فلينظر في دليل الزيادة، فإن كان بحيث يجوز أن يكون ناسخا لدليل الحكم الزائل، جاز إثبات الزيادة، وإلا فلا.
فهذا حظ البحث الأصولي، ولنحقق ذلك في المسائل الفقهية المفرعة على هذا الأصل، وهي ثمانية: