قوله: " دلالة الفحوى إن كانت لفظية فلا كلام، وإن كانت عقلية فهي يقينية، فيقتضي النسخ لا محالة ".
تقريره: أن العلماء اختلفوا في مفهوم الموافقة، فمنهم من أثبته من دلالة التزام اللفظ، وهو المراد بقوله: [لفظية]، أي: منسوبة إلى اللفظ لا أنها دلالة مطابقة، ومنهم من لم يرد بالمفهوم مطلقا فقال: " الحكم إنما يثبت في المسكوت عنه بالقياس "، وهو مراده بقوله: " عقلية "، أي: العقل أدرك الحكمة التي لأجلها ورد الحكم، فقاس بغير نص في تلك الصورة، ويرد عليه أن القياس ليس يقينا؛ لاحتمال أنا غلطنا في أن ذلك الحكم في الاصل معلل، أو هو معلل بغير تلك العلة التي تقتضي ثبوت الحكم في المسكوت بطريق الأولى، ولعلنا لو ظفرنا بعلة للحكم لم تقتض ثبوت الحكم في المسكوت، بل نفيه، ويكفي أنها مسألة خلاف بين العلماء، ولا قطع مع الخلاف.
وإذا فرعنا على أنها عقلية قياسية ينبغي أن تتخرج على الخلاف في تقديم القياس على خبر الواحد، كما تقدم التنبيه عليه.
قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): يجوز نسخ الفحوى كالنصوص عليه، ولا يتضمن نسخ المنصوص عليه، ونسخ المنصوص عليه وحده لا يتضمن نسخ الفحوى عندنا.
وقال الحنفية: يتضمنه؛ لأنه تابعه.
***