الثاني: قوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44] فوصفه بأنه مبين للقرآن، ونسخ العبادة رفعها، ورفعها ضد بيانها.
الثالث: قوله تعالى: {وإذا بدلنا آية مكان آية} [النحل: 101] أخبر تعالى بأنه هو الذي يبدل الآية بالآية.
الرابع: أنه تعالى حكى عن المشركين: أنهم قالوا عند تبديل الآية بالآية: {إنما أنت مفتر} [النحل: 101] ثم إنه تعالى أزال هذا الإبهام بقوله: {قل نزله روح القدس من ربك} [النحل: 102] وهذا يقتضي أن ما لم ينزله روح القدس من ربه، لا يكون مزيلًا للإبهام.
الخامس: قوله تعالى: {قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله، قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي} [يونس: 15] وهذا يدل على أن القرآن لا تنسخه السنة.
السادس: أن ذلك يوجب التهمة والنفرة.
والجواب عن الوجوه التي تمسكوا بها في الآية الأولى؛ بوجه عام، ثم بما يخص كل واحد من تلك الوجوه:
أما العام: فهو: أن قوله تعالى: {نأت بخير منها} [البقرة: 106] ليس فيه أن ذلك الخير يجب أن يكون ناسخًا، بل لا يمتنع أن يكون ذلك الخير شيئًا مغايرًا للناسخ، يحصل بعد حصول النسخ، والذي يدل على تحقق هذا الاحتمال أن هذه الآية صريحة في أن الإتيان بذلك الخير مرتب على نسخ الآية الأولى، فلو كان نسخ تلك الآية مرتبًا على الإتيان بذلك الخير، لزم ترتب كل واحد منهما على الآخر، وهو دور.