فيجب علينا تعريف الأصلِ والفقه، ثم تعريف أصول الفقه.
أما الأصل: فهو المُحتاج إليه.
وأمَّا الفقه: فهو في أصلِ اللغة عبارة: عن فهم غرض المتكلم من كلامه.
وفي اصطلاح العلماء عبارة: عن العلم بالأحكام الشرعية العملية، المستدل على أعيانها، بحيث لا يُعلم كونها من الدين ضرورة.
فإن قلتَ: الفقه من باب الظنون، فكيف جعلته عِلما.
قلت: المجتهد إذا غلب على ظنه مشاركة صورة لصورة في مناط الحكم، قطع بوجوب العمل بما أدَّى إليه ظنه، فالحكم معلوم قطعا، والظن واقع في طريقه.
وقولنا: ((العِلم بالأحكام)): احتراز عن العلم بالذوات والصفات الحقيقية.
وقولنا: ((الشرعية)): احتراز عن العلم بالأحكام العقلية؛ كالتماثل، والاختلاف والعلم بقبح الظلم، وحسن الصدق عند من يقول بكونهما عقليين.
وقولنا: ((العملية)): احتراز عن العلم بكون الإجماع وخبر الواحد والقياس حُجَّة؛ فإن كل ذلك أحكام شرعية، مع أن العلم بها ليس من الفقه، لأن العلم بها ليس علما بكيفية عمل.
وقولنا: ((المستدل على أعيانها)): احتراز عما للمقلد من العلوم الكثيرة المتعلقة بالأحكام الشرعية العلميّة؛ لأنه إذا علم أن المفتى أفتى بهذا الحكم، وعلم أن ما أفتى به المفتى هو: حكم الله تعالى في حقه، فهذان العلمان يستلزمان العلم بأن حكم الله تعالى في حقه ذلك، مع أن تلك العلوم لا تسمى فقها؛ لمَّا لم يكن مستدلا على أعيانها.
وقولنا: ((بحيث لا يُعلم كونها من الدين ضرورة)): احتراز عن العلم