وإما أن يقال: إنه كان عالمًا بحاله، فيلزم منه: إما الأمر بالقبيح، أو النهي عن الحسن، وذلك أيضًا محال.

والجواب: الدليل على أنه كان مأمورًا بالذبح: أنه لو لم يكن مأمورًا به، بل كان مأمورًا بمجرد المقدمات، وهو قد أتى بتمام تلك المقدمات، فوجب أن يحتاج معها إلى الفدية؛ لأن الآتي بمأمور يجب خروجه عن العهدة، والخارج عن العهدة لا يحتاج إلى الفداء، فحيث وقعت الحاجة إليه، علمنا أنه لم يدخل تمام المأمور به في الوجود.

وهذا هو الجواب عن قوله: كلما قطع موضعًا من الحلق، وتعداه إلى غيره، وصل الله تعالى ما تقدم قطعه؛ لأن على هذا التقدير: يكون كل المأمور به دخلا في الوجود، فوجب ألا يحتاج معه إلى الفداء.

وأما قوله تعالى: {قد صدقت الرؤيا}] الصافات: 105 [، فغير دال على أنه أتى بكل المأمور به، بل يدل على أنه عليه السلام صدقها وعزم على الإتيان بها، فأما أنه فعلها بتمامها، فليس في الآية دلالة عليه.

قوله: إن الله تعالى جعل على عنقه صفيحة من حديد:

قلنا: إن اعترفتم بأنه كان مأمورًا بنفس الذبح، لم يجز ذلك على قولكم، وإلا فهو تكليف ما لا يطاق.

وإن قلتم: إنه كان مأمورًا بالمقدمات، فهو عود إلى السؤال الأول.

وأما المعارضة فالجواب عنها من وجهين:

الأول: وهو الذي يحسم المنازعة أنها مبنية على القول بالحسن والقبح، ونحن لا نقول به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015