قال: وعند هذا نقول: ينبغي للمحصل ألا يغفل عن مقاصد العلماء في مجاري الإطلاق؛ لئلا يزل بمداحض الاشتراك اللفظي، فيعلم بأنهم، وإن قالوا في حد الحكم في مواضع: " إنه الخطاب المتعلق بكذا " فلا يعنون بالحكم المنسوخ هذه الحقيقة المنقسمة إلى الوجوب، وما يقاسمه، وما ينقسم إليه، وهو حالة شرعية مستفادة من خطاب الشرع، تجري من الفعل مجرى الأوصاف ترجع إلى اعتبار ذهني، أو إضافة محضة، ولهذا نقول: نسخ وجوب كذا، ويشهد له أن القديم، كما لا يرتفع، لا ينعدم، ولا ينقطع، ولا يتصور له ابتداء وانتهاء، وقد اختلفوا في هذا النسخ؛ أنه بيان لمدة الحكم، ولو كان الحكم قديما، لاستحال أن يكون له مده منتهية، وما ذكره المصنف من تعذر إضافة الرفع إلى الطارئ ونسبتها بالحقائق، فلا تحقيق له؛ فإن الحكم وضعي يقبل الرفع كما في الشاهد، والرافع هو الله تعالى، وإنما إشكاله في حق الله تعالى من حيث إنه يوهم البدء، وسنجيب عنه.

وقول المعتزلة مبني على التحسين والتقبيح، وقد ابطلناه، وإن أرادوا الأمر والنهي، وأرادوا لزوم اجتماعهما، فليس كذلك؛ فغن عند تعلق الأمر، والنهي، وارادوا لزوم اجتماعهما، فليس كذلك؛ فإن عند تعلق الأمر، بطل تعلق النهي، وإن اراداوا أن ما كان مأمورا، يصير بعينه منهيا في ذلك الزمان، فمسلم؛ لكن لا نسلم أنه محال؛ لأنه مذهبنا.

قلت: وعليه مناقشات:

الأولى: قوله: " إنه أفاد الدوام على القطع، فلولا الخطاب الثاني، لدام الحكم ".

قلنا: لو حصل القطع بالدوام، لاستحال النسخ، وإلا لم يكن القطع قطعا، بل إنما يجوز النسخ، إذا كان الدوام غير قطعي، ففي زمانه عليه السلام لا يحصل القطع بالدوام؛ لإنكار نزول الوحي، وإنما حصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015