وقال أبو حاتم: النسخ: أن يحول ما في الخلية من العسل والنحل في أخرى، ومنه نسخ الكتاب.
قوله: " وقيل: إنه الإبطال، نسخت الشمس الظل، إذا عدم؛ لأنه قد لا يحصل في موضع آخر ".
تقريره: أن الشمس، متى كانت على سمت الرءوس، فإن الشمس إذا انت عند الزوال، تبطل الظل بالكلية، وتكسوا ضم الشمس القائم، وهذا يتعذر بأرض " مصر " لأن عرضها يكون أكثر من الميل الأعظم، وإنما يتأتى ذلك في بلد عرضه أقل من الميل كـ " الحجاز " بـ " مكة " إحدى وعشرون درجة، وعرض " قبرص " خمسة وعشرون، فلا يتأتى ذلك بها، بل فيما هو جنوبي عنها يومين، وما عدا ذلك، فلا يعدم الظل ألبتة في الفصول الأربعة، بل لابد من بقاء جزء منه عند الزوال.
قوله: " المزيل لآثار القوم هو الله تعالى فإضافته للريح مجاز ".
قلنا: العرب لم تخص وضعها بالمؤثر الحقيقي، بل لما هو أعم، فيكون حقيقة في الفاعل الحقيقي نحو خلق الله تعالى، وفي المؤثر العادي؛ نحو: أحرقته النار، وقتله السم، وأرواه الماء، وأشبعه الخبز، وإلى ما ليس بمؤثر ألبتة؛ نحو: سقط الحائط، وبرد الماء، ومات زيد، ولا خلاف أن هذه الألفاظ حقائق، فحينئذ الوضع ليس خاصا بالمؤثر، فقولهم: " نسخت الريح آثار القوم " حقيقة لغوية، وإن كان الله تعالى هو المؤثر؛ من حيث الفعل والواقع في نفس الأمر.