فيتعين أنه إنما أقدم بوحي وصل غليه لم ينقل إلينا، وبهذا الطريق يتعذر الاستدلال به على أن الكافر يرجم؛ لأن ذلك الوحي الوارد يجوز أن يكون عاما في أمثال تلك الواقعة، ويجوز أن يكون خاصا بها، ناصا على عدم تعديته لغيرها، وإذا احتمل واحتمل، سقط الاستدلال؛ لاسيما، والأصل عدم العموم، وعدم التناول، وعدم الشرعية، فيقف الحال على المستدل بهذا الحديث على رجم الكفار.
ومن جملة إشكال الحديث: أنه روى أنه عليه السلام سمع في القضية بينة من اليهود الكفار، نقله الطرطوشي في تعليقه، ومن جملة الإشكال، أنه عليه السلام قال " اللهم إني أول من أحيا سنة أماتوها ".
وغير ذلك من الظواهر التي تقتضي الاعتماد على ظاهر التوراة، وقبول رواية الكفار وشهادتهم، ولا يندفع جميع ذلك، إلا بأن يكون وحي وصل إليه، عليه السلام.
قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص): وموضع الخلاف في المسألة أن الله تعالى إذا اخبر في القرآن أنه شرع لبعض الأمم المتقدمة شيئا، وأطلق الأخبار، ولم يذكر أنه شرعه لنا، ولا أنه لم يشرعه لنا، ولا أنه نسخه، هل يجب علينا العمل به أم لا؟
فهذا يؤيد ما لخصته لك من القاعدة، وتبين لك بطلان اختيار الإمام في (المحصول) واختيار الغزالي في (المستصفى) كماستقف عليه إن شاء الله تعالى، وكذلك قال القاضي أبو يعلى في كتاب (العمدة)؛ أن موضع الخلاف فيما غذا ثبت شرعهم بغير نقلهم؛ كما قاله القاضي عبد الوهاب.
قوله: " أسلم من خيارهم من تقوم الحجة به ".
قلنا: لا نسلم، وإنما تقوم الحجة به، وإن كان عدلا، أو لو كان ينقل