قوله: " النهي عن غير المقدور عبث ".

قلنا: هاهنا قاعدة وهي أن الصحة العقلية كصحة وجود الأحكام، والصحة الشرعية كجواز الصوم في غير الأيام المنهي عنها، والصحة العرفية كالمسمى أياما.

ويشارك الخلاف الطيران في الهواء، وموضع النزاع في هذه المسألة إنما هو في دلالة لفظ النهي على الصحة الشرعية، واما الصحة العقلية والعادية، فلا بد منها في كل ما يتعلق به التكليف، واللغة لم توضع لتكليف ما لا يطاق، فكلام الخصم لا يفيد دعواه، فما يتجه دليله لا يقول به، وما يقول به لا يتجه دليله.

قوله: " لم لا يجوز حمل النهي على النسخ، كما يقول الموكل لوكيله: لا تبع هذا؟ "

تقريره: الخصم يدعي أنه يدل على صحة تترتب على العقد المنهي عنه، كما قال في عقود الربا وغيرها، فقال المصنف: نحن وإن سلمنا أنه يدل على الصحة، لكن صحة سابقة أو لاحقة؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم، ولا يحصل مقصودكم؛ لأن مقصودكم الصحة اللاحقة.

وبيان أنه يدل على الصحة السابقة: أن الخلائق وكلاء الله تعالى في أرضه وخلفاؤه؛ لقوله تعالى: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} [الحديد: 7]، ولقوله تعالى: {ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} [الأعراف: 129]، وقوله تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم} [يونس: 14].

وإذا كانوا خلائف وكلاء الله تعالى فتكون تصرفاتهم صحيحة جائزة بمقتضى الوكالة، فإذا نهاهم يكون ذلك نسخا في حقهم، كمن وكل وكيلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015