وأيضا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذمه، ولكنه أراد أن يبين له أن دعاءه صلى الله عليه وآله وسلم مخالف لدعاء غيره.

والجواب عن الأول: أنّا بينّا أن المباحث اللفظية لا يرجى فيها اليقين، وهذه المسألة، وإن لم تكن في نفسها عملية، لكنّها وسيلة إلى العمل، فيجوز التمسك فيها بالظن، لأنه لا فرق في العقل بين أن يحصل ظن الحكم، وبين أن يحصل العلم بوجود ما يقتضي ظن الحكم في جواز التمسك بهما في العمليات.

وعن الثاني: أن بتقدير ألا يدل الأمر على الوجوب، يكون المانع من الإجابة قائما، وهو الصلاة، فإنها تحرم الكلام، وإذا كان المانع الظاهر قائما، لم يجز من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسأل عن المانع، بلى، إذا كان قوله تعالى: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) [الأنفال:24] يفيد الوجوب، فحينئذ يصح السؤال.

وأيضا، فظاهر الكلام يقتضي اللوم، وهو في معنى الإخبار عن نفي العذر، وذلك لا يكون إلا والأمر للوجوب.

الدليل السابع: هو قوله عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عن كل صلاة).

وكلمة (لولا) تفيد انتفاء الشيء لوجود غيره، فها هنا تفيد انتفاء الأمر لوجود المشقة، فهذا الخبر يدل على

أنه لم يوجد الأمر بالسواك عن كل صلاة، والإجماع قائم على أن ذلك مندوب، فلو كان المندوب مأمورا به، لكان الأمر قائما عند كل صلاة، فلما لم يوجد الأمر، علمنا أن المندوب غير مأمور به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015