وقال أبو الحسين البصري: المعتبر هو الاستعلاء، لا العلو.
وقال أصحابنا: لا يعتبر العلو، ولا الاستعلاء
لنا: قوله تعالى: حكاية عن فرعون: أنه قال لقومه: (ماذا تأمرون) [الشعراء:35] مع أنه كان أعلى رتبة منهم.
وقال عمرو بن العاص لمعاوية [الطويل]:
(أمرتك أمرا جازما فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم)
وقال دريد بن الصمة لنظرائه، ولمن هو فوقه [الطويل]:
أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وقال حباب بن المنذر يخاطب يزيد بن المهلب أمير خراسان والعراق [آلطويل]:
أمرتك أمرا جازما فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادما
فهذه الوجوه دالة على أن العلو غير معتبر.
وأما أن الاستعلاء غير معتبر، فلأنهم يقولون: فلان أمر فلانا على وجه الرفق واللين،
نعم، إذا بالغ ف يالتواضع، يمتنع إطلاق الاسم عرفا، وإن ثبت ذلك لغة.
واحتج المخالف علي أن العلو معتبر، بأنه يستقبح في العرف أن يقول القائل:
أمرت الأمير أو نهيته، ولا يستقبحون أن يقال: سألته أو طلبت منه، ولولا أن الرتبة معتبرة وإلا لما كان كذلك.