المسألة الثانية
قال الرازي: ذكروا في حد الأمر بمعنى القول وجهين:
أحدهما: ماقاله القاضي أبو بكر، وارتضاه جمهور الأصحاب، أنه هو: (القول المقتضى طاعة المأمور بفعل المأمور به) وهذا خطز:
أما أولا: فلأن لفظتي (المأمور) و (المأمور به) مشتقان من الأمر، فيمتنع تعريفها إلا بالأمر، فلو عرفنا الأمر، بهما لزم الدور.
وأما ثانيا: فلأن الطاعة عند أصحابنا موافقة الأمر، وعند المعتزلة: موافقة الإرادة، فالطاعة على قول أصحابنا: لا يمكن تعريفها إلا بالأمر، فلو عرفنا الأمر بها، لزم الدور.
وثانيهما: ما ذكره أكثر المعتزلة، وهو: أن الأمر هو قول القائل لمن دونه: (افعل) أو ما يقوم مقامه.
وهذا خطأ من وجوه:
الأول: أنا لو قدرنا أن الواضع ما وضع لفظة (افعل) لشيء أصلا، حتى كانت هذه اللفظة من المهملات، ففي تلك الحالة: لو تلفظ الإنسان بها مع من دونه، لا يقال فيه: إنه أمر.
ولو أنها صدرت عن النائم والساهي، أو على سبيل انطلاق اللسان بها اتفاقا، أو على سبيل الحكاية، لا يقال فيه إنه أمر.