كان أحدهما أما والآخر خبرا- كما في هذا المثال فلا يتجه؛ لأن الأمر قد يكون شيئا، ولا يفعل كله، والخبر يتبع الواقع، وكان طاعة أو معصية كما أمر الله تعالى الناس كلهم بالإيمان.

وقال تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) [يوسف:103] فأخبر عن الواقع، وهو على خلاف الأمر.

كذلك هاهنا جاز أن يكون الرضاع الواقع أحدا وعشرين شهرا، ولا يكون الأمر وقع مقتضاه من قوله تعالى (والوالدات يرضعن) [آلبقرة:33] الآية، فيقع الإخبار بأن حمله وفصاله ثلاثون شهرًا، أي تسعة حمل وأحد وعشرون رضاعا بناء على الواقع الغالب دون المأمور به، لا يأتي الاستدلال بهاتين الآيتين على أن أقل الحمل ستة أشهر، ولا سيما وقد عكس الحقيقة هذا الاستدلال، وقالوا: الستة أشهر هي الرضاع، وقالوا أقضى مدة الحمل سنتان مع الرضاعة، ولا يلحق الولد بعد ذلك بالواطيء، وإذا قام في بطن أمه سنتين كفاه من الرضاع سته أشهر، لاستقلاله وشدة أعضائه بطول بقائه في بطن أمه، وجعلوا هذا الموضع دليلا على هذا المطلوب، وبالجملة إنما يتأتى الاستدلال إذا كانا خبرين، أو أمرين، أما إذا تنوعا فلا، لأن الخبر يتبع الواقع، والأمر لا يتبعه، فلا ينتظم الاستدلال.

قوله: (لأنه عليه السلام بعث لبيان الشرعيات دون العقليات)

قال القرافي: مثاله: (قوله عليه السلام: (من كلم في سبيل الله واله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم، والريح ريح المسك)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015