الفصل الثاني
أطوار التأليف في علم مصطلح الحديث
محاولةُ جمعِ هذه القواعد في كتاب واحد أو في كتب، مرحلةٌ امتدت من أوائل القرن الرابع إلى نهاية القرن الخامس تقريباً، وتميزت هذه المؤلفات بسرد الراويات والأسانيد ثم استخلاص القواعد منها، وذكر من قال بها أو ذهب إليها من السلف. (?)
قال ابن حجر -رحمه الله-: "أول من صنف في ذلك: القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه: "المحدث الفاصل" (?)، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري (?)، لكنه لم يهذب، ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمتعقب، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه: "الكفاية" (?)، وفي آدابها كتابا سماه: "الجامع لآداب الشيخ والسامع" (?)، وقَلَّ فنٌ من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا؛ فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل مَن أنصفَ عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه.
ثم جاء بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب: فجمع القاضي عياض كتابا لطيفا سماه: "الإلماع"، وأبو حفص الميانجي جزءا سماه: "ما لا يسع المحدث جهله" (?). وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت، وبسطت؛ ليتوفر علمها، واختصرت؛ ليتيسر فهمها". (?)