وكذلك السنة النبوية؛ قد حوت كثيراً من أصول مصطلح الحديث التي استقى منها أهل هذا الشأن مسائل عديدة وجعلوها أنواعاً في مصنفاتهم.

ومن ذلك، أنهم يستدلون لصحة تحمل الكافر للحديث حال كفره وأدائه بعد إسلامه (?) بحديث مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِي". (?)

واستدلوا على جواز تعديل الرواة بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ" (?)، وفي جرحهم بقوله عليه الصلاة والسلام: "بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ". (?)

وقد يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ يدخل في عدة أبواب في علم المصطلح، كما استدل بعضهم على ضبط الحديث وحفظه (?) بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ". (?)

واستُدل به أيضاً على قبول خبر الواحد (?)، وعلى عدم جواز الرواية بالمعنى (?).

فكان الصحابة رضي الله عنهم بسليقتهم العربية وسلامة فطرتهم ولزومهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، يفهمون هذه الأمور من الكتاب والسنة من غير الحاجة إلى تدوينها بقواعد، فانعكس ذلك على طريقتهم في تلقي الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015