ومما يدل على نزاهة صاحب المدينة أمية بن عيسى بن شهيد، وقوة شخصيته أنه وقف أمام رغبة الأمير محمد عندما أمره أن يحبس أحد أهل العلم.
والقصة كما رواه ابن القوطية تدور حول فقيه كان يقطن في إحدى الكور، لكنه فر من عاملها إلى قرطبة، فكتب ذلك العامل للأمير محمد كتاباً يغريه فيه بذلك الفقيه، ويزين له ضمه إلى الحبس، فأصدر الأمير أوامره لابن شهيد بحبس ذلك الفقيه، فرد عليه قائلاً: "لاوالله، ماأحبس رجلاً من أهل العلم والرواية، فرَّ من جور ظالم مشهور بالظلم، ولو كان فيه خير مافرّ مثله عنه1" فما كان من الأمير إلا أن عدل عن رأيه وكتب إلى ذلك العامل كتاباً يوبخه فيه على فعله2.
ولم يقتصر الأمر في قوة الشخصية والنزاهة على أمية بن عيسى بن شهيد فقط، فلدينا صاحب المدينة وليد بن عبد الرحمن بن غانم، المتوفى سنة 292هـ (905م) ففي أثناء ولايته للمدينة، حدثت مجاعة شديدة سنة 260هـ3 (874م) " لم يزرع فيها بالأندلس حبة ولا رفعت4" "ومات فيها أكثر الخلق5" فاستشار الأمير محمد الوزراء وأصحاب