بعد أن فتح المسلمون بلاد شبه الجزيرة الأيبيرية، والتي عُرفت بعد ذلك بالأندلس، ضمت بين شواطئها عناصر سكانية مختلفة المشارب، وأجناساً بشرية متباينة الثقافات، حتى إذا ما اجتمع هؤلاء كلهم تحت راية الإسلام، تكوَّنت على أيديهم حضارة إسلامية مجيدة، فكانت الأندلس بهذا، أحد المعابر التي انتقلت عن طريقها الحضارة الإسلامية إلى أوروبا.

وبالرغم من أن المسلمين قد مكثوا في تلك البلاد زهاء ثمانية قرون، إلا أنهم غادروها مرغمين، عندما لم يستطيعوا المحافظة عليها، مخلفين وراءهم شواهد حضارية ظلت إلى يومنا هذا تحكي حقيقة مجد إسلامي أُبعد عنه أهله، بعد أن تخاذلوا عن تطبيق الإسلام والتمسك به، والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية11) .

وفي السنوات الأخيرة نالت الأندلس اهتمام الدارسين والباحثين العرب، فظهرت في هذا الميدان دراسات وفيرة وأبحاث متنوعة، منها ما انصب اهتمامه على الأحوال السياسية، ومنها ما اختص بالحياة الحضارية، ومنها ما جمع بين النظامين السياسي والحضاري.

وقد شهدت أراضي الأندلس الإسلامية، قيام عدة دول على أراضيها، ولعل الدولة الأموية كانت أهمها على الإطلاق، فهي الدولة التي أرست قواعد الإسلام هناك، كما أنها أطول تلك الدول بقاء وأعظمها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015