وقد نظر أمراء وخلفاء بني أمية إلى أولئك الصقالبة نظرة ود وثقة، فكان أكابرهم يعرفون بالخلفاء1 أو الفتيان الأكابر2، كما فتحوا المجال أمامهم للوصول إلى مناصب عسكرية عليا في الدولة، فمثلاً كان أفلح صاحب الخيل3، وتولى دري بن عبد الرحمن منصب صاحب الشرطة4، كما كان نجده بن حسين الحيري يتولى أمر العلافة بالجيش5، ثم أصبح قائداً للجيش6، وعندما توفي الخليفة عبد الرحمن الناصر كان لديه منهم بالزهراء ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسين رجلاً7.
وقد سار الخليفة المستنصر على سياسة والده في الاستكثار من الصقالبة وتوليتهم المناصب الرفيعة8، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه طالب الناس بالتغاضي عن التجاوزات التي تحدث من الصقالبة محتجاً بأنهم مؤتمنون على من في القصر، وأنه لأجل ذلك لا يمكن معاتبتهم أو معاقبتهم في كل وقت خشية إثارة ما كمن في نفوسهم9.