هذه هي صفات الوزارة والوزراء في تلك الفترة، مناصب بلا نفوذ، ولذا فكثير ما كانت قرطبة تعيش تحت إدارة "العبيد وسفَّال الناس1" لأجل ذلك فلا عجب إذا رفض أهل المروءة والشمم العمل في هذا الوسط العجيب، فالوزير حسان بن مالك بن أبي عبد هـ، استوزره الخليفة المستظهر لكنه لم يلبث في بيت الوزارة إلا يسيراً ثم لم يعد يحضر، ثم كتب للمستظهر رقعة بينَّ فيها سبب غيابه فقال:-
إذا غبت لم أحضر وإن جئت لم أسل ... فسيان مني مشهد ومغيبُ
فأصبحت تيمياً وما كنت قبلها ... لتيم ولكن الشبيه نسيبُ2
من هذه الصورة العجيبة ندرك أن الوزراء لم يعد لهم مكانة حتى أنهم هجروا بيتهم، الذي كان مجلساً لأعلام دولة بني أمية، واتخذوا من الديدبان3 مكاناً لهم. وتميزت اجتماعاتهم بأن القرار الذي يتخذونه اليوم ينقضونه غداً4، وأصبح عملهم مقتصراً على التشاور فيمن يولونه الخلافة من بني أمية بعد كل خليفة ينتهي دوره5.