وبعد أن انتقل المنصور إلى الزاهرة وانتقلت بانتقاله الدولة بأسرها، أصبح قصر الخلافة معطلاً، إذ سد المنصور بابه، وأحكم قبضته عليه، وأقام حوله خندقاً وسوراً منيعاً، ورتب الحراس والبوابين والسمار والمنتابين يلازمونه ليلاً ونهاراً ويراقبون حركات من فيه سراً وجهاراً، وجعل في القصر أحد ثقاته لضبطه وبسط الأمر والنهي فيه وبذلك حجر المنصور على الخليفة الذي لم يبق له من وظائف الخلافة إلا نقش اسمه في السكة، والطرز والدعوة له في الخطبة1.
وكان المنصور يصدر أوامره باسم الخليفة، فكان يدخل إلى القصر ويخرج ويقول: "أمرني أمير المؤمنين بكذا ونهى عن كذا2" ثم أراد