رب عاقل محروم وجاهل مرزوق.
كم فرحةٍ قَدْ أقْبَلَتْ ... مِنْ حيثُ تُنتظَرُ المصائبْ
ربما انتظر الإنسان المصيبة فجاءه الفرج والفرح.
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانِهِ ... كانتْ تهابُ لقاءَهُ الشجعانُ
كم رجل جريء يخاف الشجعان لقاءه. فتكلم كلمة في غير موضعها فكانت سبب هلاكه وأصبح قتيل لسانه.
كم قابسٍ عادَ بغيرِ نارِ ... لا بُدّ للمُسْرعِ من عِثارِ
رب من عَجِلَ ليقبِسَ ناراً يوقد فيها حطبه فعثر، وهو مسرع، فأضاع القبس، وبقي دون نار.
كم قدْ صَدَعْ ... خَطْبٌ وقَعْ
كم قَدْ فضَحْ ... طرْفٌ طَمَح
رب خطب وقع فشق قلب الإنسان وكم نظرة فضحت صاحبها.
كم مرةٍ حَفَّتْ بِكَ المَكارِهُ ... خارَ لَكَ اللهُ وأنْتَ كارِهُ
قد يقع المرء في المصاعب ثم ينقذه الله منها ويمهد له الخير وهو كاره.
كم مِنْ حمارٍ على جوادِ ... ومِنْ جَوادٍ على حِمارِ
رب جاهل ركب جواداً، وهو مثل الحمار، ورب كريم ركب حماراً، والأرزاق حظوظ.
كم منزلٍ في الأرضِ يألفهُ الفتى ... وحَنينُه أبداً لأوَّلِ منْزِلِ
الإنسان يتنقل في البلاد، ويألف بيتاً هنا، وبيتاً هناك، ولكنه يظل يحن دائماً إلى بيته الأول بيت أهله وأبيه وأمه.
كم مِنْ عَزيزٍ قد رأيتُ ذَلاًّ ... وكَمْ سُرورٍ مُقْبِلٍ تَولَّى
قد يذل العزيز، ويحزن المسرور.
كم من عليلٍ قد تَخطَّاهُ الرَّدى ... فنجا وماتَ طبيبُه والعُوَّدُ
رب مريض أصابه الشفاء، ومات الطبيب الذي كان يداويه، والعواد الذين كانوا يزورونه.
كم نعمةٍ زالتْ بأدنى زَلَّةٍ ... ولكلِّ شيءٍ في تقَلُّبِه سبَبْ
رب نعمة زالت عن صاحبها بخطأ منه يسير، ولكل تقلبٍ وتطورٍ سبب.
كمْ نعمةٍ لا تستَقِلُّ بشُكرِها ... للهِ في طَيِّ المَكارِهْ كامِنَهْ
رب نعمة في طي نقمة، ورب محبوب في طي مكروه.
كَمْ نعمةٍ مَطُوِيَّةٍ ... ما بين أنيابِ النَّوائبْ
رب نعمة تطويها براثن المصائب.
كَمْ نعيمٍ نَعِمْتُهُ ... غَيرَ أنّي عَدِمْتُهُ
كم ذقت ألوان النعيم والرفاهية، ثم ذهبت كالسراب.
لبستُ ثوبي على ما كانَ من خلَقٍ ... ولا جديدَ لمَنْ لم يلبَسِ الخَلَقا
لبست ثوبي البالي، ولا جديد لمن ليس له عتيق.
لحَى اللهُ ذي الدنيا مُناخاً لِراكبٍ ... فكلُّ بعيدِ الهَمّ فيها مُعَذّبُ
ما أصعب هذه الحياة على من يعيش فيها، وكل من هِمّة تعذبه وتعاديه.
لحى اللهُ صعلوكاً مناهُ وهَمُّهُ ... من العيشِ أن يلقى لَبوساً ومَطْعَماً
قبّحَ الله الرجل الذي لا يهمه في حياته إلا لباسه وطعامه.
لحى اللهُ منْ باعَ الصديقَ بغيرِه ... وما كلُّ بَيْعٍ بِعْتَهَ بِرَباحِ
قبح الله من يبيع صديقه، وبيع الصديق خسارة.
لسانُ الشُّكرِ تُنطقُهُ العَطايا ... ويَخْرسُ عِندَ مُنقطَعِ النّوالِ
العطايا تُطلق الألسنة بالشكر، والحرمانُ يُخْرِسُها.
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم يبقَ إلا صورةُ اللّحْمِ والدّمِ
لسان الإنسان نصفه وقلبه نصفه فلم يبق منه إلا اللحم والعظم والدم.
لَستْرُ الشّمسِ أيْسرُ من كلامٍ ... تُستّرُهُ وقَدْ مَلأَ الفَضاءَ
قد يكون ستر الشمس أهون من ستر الكلمة التي تَشيع وتَنتشر.
لطّفْتُ رأيَكَ في وصْلي وتَكرمتي ... إنّ الكريمَ على العلياء يَحْتالُ
كان رأيك لطيفاً في الإحسان إليّ وفي إكرامي، والكريم يحتال ليصنع المعروف للناس.
لعلّ عتْبكَ محمودٌ عواقبُه ... فرُبّما صَحَّتِ الأجسامُ بالعللِ
قد يكون عتابك نافعاً، والعِلة أحياناً تنفع الجسم.
لَعمرُكَ ما الأيامُ إلا مُعارةً ... فما اسْطَعْتَ من معروفِها فتزَوّدِ
الحياة عارية مُستردّة، فاستكثر من الخير ما استطعت.
لعمرُكَ ما تَدْري الطّوارقُ بالحصى ... ولا زاجراتُ الطيرِ ما الله صانِعُ
لا يعرف الغيب الكهان والسحرة وعلماء النجوم، والنساء اللواتي يضربن بالحصى، ولا الرجال الذين يزجرون الطير.
لعمرُكَ ما ضاقتْ رحابٌ بأهلها ... ولكنّ أخلاقَ الرجالِ تضيقُ