فأحسنُ وجهٍ في الورى وجهُ محسنٍ ... وأيمنُ كَفٍّ في الورى كفُّ مُنعِمِ
أحلى الوجوه وجه المحسن، وخير الأيدي يد المنعم.
فالهمُّ فضلٌ وطولُ العيشِ منقطعٌ ... والرزقُ آتٍ وروحُ الله مُنْتظَرُ
إذا زاد همك تستطيع أن تستغني عنه ومهما طال عمرك فسوف ينقطع، ورزقك يأتيك، ورحمة الله تنتظرك.
فإنَّ الجرحَ ينغرُ بعد حِينٍ ... إذا كانَ البناءُ على فسادِ
إذا لم يضمد الجرح ضماداً صحيحاً، نكأ وسال دمه وقيحه.
فإن تَفُقِ الأنامَ وأنتَ منهمْ ... فإنَّ المسكَ بعضُ دَمِ الغزالِ
أنت خير من الناس وإن كنت منهم، كما أن المسك أطيب رائحة من دم الغزال وهو منه.
فإن دموعَ العينِ غُدْرٌ بربِّها ... إذا كُنَّ خَلْف الغادرينَ جَوارِيا
إذا جرت الدموع حزناً على فراق غادر فهي غادرة بصاحبها.
فإنَّ قليلَ الحُبِ بالعقلِ صالحٌ ... وإنَّ كثيرَ الحُبِّ بالجهلِ فاسِدُ
قليل الحب مع العقل جيد، وكثير الحب مع الجهل فاسد.
فإن يكُ إنسانٌ مضى لسبيلهِ ... فإِنَّ المنايا غايةُ الحَيَوانِ
إذا كان هذا الرجل قد مات، فالموت غاية كل حيّ.
فإِن يكُ صَدرُ هذا اليومِ ولَّى ... فإنَّ غداً لناظره قَريبُ
إذا مضى اليوم فالغد قريب.
فبُحْ بالسرائرِ في أهلِها ... وإِياكَ في غَيْرهم أنْ تَبوحا
أفْشِ سرك لمن يستحقه ولا تبح به لمن لا يستحق.
فَتىً زانَ في عينَيَّ أقصى قبيلةٍ ... وكم سَيّدٍ في حُلَّة لا يَزينُها
هذا الرجل زين الناس جميعاً بأخلاقه وأفعاله وبعض الناس لا يزينون حتى الثوب الذي يلبسونه.
فتىً يشتري حُسْنَ الثناءِ بمالِه ... ويعلمُ أنَّ الدائراتِ تَدورُ
هذا الفتى يشتري الثناء بأفعال الخير ويعلم أن الدنيا لا تبقى على حال.
فربَّ كئيبٍ ليسَ تندى جفونهُ ... ورُبَّ كثيرِ الدمعِ غيرُ كئيبِ
كم من حزين لا تجري دموعه، وكم رجل تجري دموعه غزيرة وهو غير حزين.
فصبراً يا بني الأحرارِ صَبْراً ... فإِنَّ الدهرَ ذو سَعةٍ وضِيقِ
اصبروا على زمانكم أيها الأحرار، فالزمان يشتد حيناً ويلين حيناً.
فصرتُ كالسيفِ حامداً يدَهُ ... ما يَحمدُ السيفُ كلَّ مَن حمَلَهْ
أنت ممن يحمد السيف يده، وليس تحمد السيف كل الأيدي التي تحملها.
فضلُ الفتى يُغْري الحسودَ بسَبّه ... والعُودُ لولا طيبُه ما أُحْرِقا
فضل الشريف يغري حاسده به، ورائحة العود تغري بإحراقه.
فطَعْمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ ... كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ
اطلب الموت في سبيل أمر عظيم، فطعمه في الأمر العظيم والأمر الحقير سواء.
فَعُدْ بها لا عدمتُها أبداً ... خيرُ صِلاتِ الكريمِ أعْوَدُها
عد إلى كرمك يا صديقي، فالكريم من يعود.
فَعِشْ فريداً ولا تَركنْ إلى أحدٍ ... إِني نصحتُك فيما قد جرى وكفى
عش وحيداً ولا تأمن أحداً، تلك هي نصيحتي لك.
فقدْ يُظَنُّ شجاعاً مَنْ بهِ خرَقٌ ... وقد يُظَنُّ جباناً مَنْ بهِ زَمَعُ
قد يظن الأخرق شجاعاً وقد يظن المتأني جباناً
فقرُ الجهولِ بلا عقلٍ إلى أدبٍ ... فقرُ الحمارِ بلا رأسٍ إلى رسنِ
لا حاجة للجاهل إلى الأدب كما لا يحتاج الحمار الذي قطع رأسه إلى رسن.
فقلْ لِمُرَجّى معالي الأمورِ ... بغيرِ اجتهادٍ طلبتَ المُحالا
من طلب المجد بغير كد طلب المستحيل.
فكثيرٌ من الشّجاعِ التَوقّي ... وكثيرٌ من البليغِ السّلامُ
الشجاع تظهر شجاعته في حذره، والبليغ تظهر فصاحته في سلامه.
فلا تنَلْكَ الليالي إِنّ أيديَها ... إذا ضَربْنَ كسَرنَ النبع بالغرَبِ
أرجو أن يصونك الدهر فإنه إذا أراد ضرر إنسان عظيم أعدّ له إنساناً حقيراً، كما أن القصب الخائر يكسر الخيزران القوي.
فلا قضى حاجتَه طالِبٌ ... فؤادُه يخفِقُ من رُعْبِهِ
لا نال المجدَ إنسانٌ جبان يخفق قلبه هلعاً ورعباً.
فلا مجدَ في الدنيا لمَنْ قلَّ مالَه ... ولا مالَ في الدنيا لمَنْ قلَّ مَجدُهُ
ليس لقليل المال مجد وليس لقليل المجد مال.