101

ولما تقرر ما مضى من النهي عن الإصغاء إليهم في طلب الآيات، وختم بتعليق الأمر بمجرد المشيئة، كان كأنه قيل: فماذا يقال لهم إذا طلبوا؟ فقال: {قل} أي يا أشرف الخلق لهم غير مهتم بأمرهم ومنبهاً لهم على إبطال مذهب الجبر المتعلق أصحابه بنحو هذه الآية، لأن المشيئة مغيبة والعبد مأمور ببذل الجهد في الطاعة بما له من القدرة والاختبار.

ولما أمر بهذا الفكر فكان ربما ظن لأجله أن للإنسان قدرة مستقلة، نبه على مذهب أهل السنة القائل بالكسب الذي هو - كما قال الإمام علي رضي الله عنه - أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض، فقال معلماً أن من حكم بشقائه لا ينفعه شيء: {انظروا} أي بأبصاركم وبصائركم لتخرجوا بالانتفاع بالعقل عن عداد البهائم؛ قال الإمام: ولو أن الإنسان تفكر في كيفية حكمة الله تعالى في خلق جناح بعوضة لانقطاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015