من حظ من مضاء كلمة العدل فيهم وحق كلمة العذاب عليهم وإجراء بعضهم دون كلهم على سنة من تقدمهم من أهل الكتب الماضية في المؤاخذة بذنوبهم وإنفاذ حكم السطوة فيهم فأخذهم الله بذنوبهم {فكلاً أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40] ولم ينفعهم الرجوع عند مشاهدة الآيات {الآن وقد عصيت قبل} [يونس: 91] {لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم} [الأنبياء: 13] وذلك أن كل مطالع بالعذاب راجع - ولا بد - عن باطله حين لا ينفعه {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95] {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا} [يونس: 98] لما أبطن تعالى في قلب نبيهم عليه السلام عزماً على هلاكهم، أظهر تعالى رحمة عليهم، ولما ملأ نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة لأمته: كافرهم ومؤمنهم ومنافقهم، أشار بآي من إظهار مؤاخذتهم وأعلم بكف نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تألفهم وأحسبه بمؤمنهم دون كافرهم ومنافقهم {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} [الأنفال: 64] وكل ذلك معلوم عنده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل وقوعه بمضمون قوله تعالى: {سنة من قد أرسلنا قبلك من