4- اعتبار المآلات:

أي أن المجتهد، حين يجتهد ويحكم ويفتي، عليه أن يقدر مآلات الأفعال التي هي محل حكمه وإفتائه، وأن يقدر عواقب حكمه وفتواه، وألا يعتبر أن مهمته تنحصر في "إعطاء الحكم الشرعي". بل مهمته أن يحكم في الفعل وهو يستحضر مآله أو مآلاته، وأن يصدر الحكم وهو ناظر إلى أثره أو آثاره. فإذا لم يفعل، فهو إما قاصر عن درجة الاجتهاد أو مقصر فيها.

وهذا فرع عن كون "الأحكام بمقاصدها". فعلى المجتهد الذي أقيم متكلمًا باسم الشرع، أن يكون حريصًا أمينا على بلوغ الأحكام مقاصدها، وعلى إفضاء التكاليف الشرعية إلى أحسن مآلاتها.

ويؤصل إمامنا هذا الأصل بقوله: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة. وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يئول إليه ذلك الفعل"1.

وفي السنة النبوية تطبيقات هادية في هذا الباب. فقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين، مع علمه بهم، ومع علمه باستحقاقهم القتل، وقال: "أخاف عن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" 2. وتخلى عن إعادة بناء البيت الحرام، حتى لا يثير بلبلة بين العرب، وكثير منهم حديثو عهد بالإسلام، وقال مخاطبًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015