فلأول مرة -في حدود ما يعلم- نجد أن أول شرط لبلوغ درجة الاجتهاد هو "فهم مقاصد الشريعة على كمالها1 ونجد أن الشرط الثاني -والأخير- لا يخرج أيضًا عن المقاصد، وهو: "التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها"2. أي في المقاصد.
ولقد ظل الأصوليون -لعدة قرون- يسطرون لائحة طويلة بشروط المجتهد وما ينبغي أن يحصله من الدرجات العلمية، وبعضهم يزيد فيها، وبعضهم ينقص منها3.
ثم جاء الشاطبي، فأعرض عن تلك اللوائح، طويلها وقصيرها، وحصر درجة الاجتهاد في أمر جامع: هو فهم مقاصد الشريعة على كمالها، وإلى حد التمكن من الاستنباط في ضوئها.
ولست أعني -أبدًا- أن السابقين، من فقهاء وأصوليين، لم يكونوا على بال من أمر المقاصد وضرورتها للمجتهد، وإنما أعني -فقط- أن بين الشاطبي وسابقيه