باستنبات هذه النواة في "موافقاته" خير الاستنبات، حتى أصبحت حديقة وارفة الظلال"1.

ويرى الدكتور عجيل النشمي أن البحث في المقاصد بدأ على يد الغزالي في "شفاء الغليل" ثم يقول "والذي تمم هذا العلم وفصله، وقعد قواعده هو الإمام الشاطبي. بل إن صنيع الشاطبي، لا يقل أهمية عن صنيع الشافعي، في كتابه "الرسالة"، حيث دون العلم وفتق أبوابه وجمع قواعد الاستنباط"2.

ويضم الدكتور عمر الجيدي شهادته إلى هذه الشهادات وغيرها، فيؤكد أن الشاطبي ضمن موافقاته "ما لم يسبقه إليه غيره، حتى إنه ليعتبر بحق المؤسس الأول لعلم مقاصد الشريعة". وبعد إشارته إلى إسهامات بعض السابقين قال: "ألا أن الشاطبي توسع في بحثها بطريقة لم يسبق إليها ولا زوحم عليها. فكان بفعله هذا أشبه بما فعله الشافعي بالنسبة لعلم أصول الفقه"3.

وأهمية هذا الجانب عندي -أعني جانب التوسع الكبير- ليست متوقفة على ما في مضمونه من نفاسة وإبداع، وإنما هي حاصلة في مجرد التوسع وإفراد الموضوع بكتاب كامل4 يضم مئات الصفحات، كلها اهتمام بمقاصد الشريعة، وتقليب لمواضيعها من مختلف الجوانب والزوايا. فهذا في حد ذاته عمل جديد، وله أهميته البالغة في لفت الانتباه إلى مقاصد الشريعة، والحفز على العناية بها والتفكير فيها. وأظن أن هذا الجانب الكمي الظاهري -في عمل الشاطبي- هو الأكثر إثارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015