فأما اسم "مقاصد الشريعة"، فكان مستعملًا قبل الشاطبي بحقب طويلة. وقد قدمت من ذلك ما يكفي.
وأما اسم "علم مقاصد الشريعة" فلم يستعمله الشاطبي نهائيا. وأما الذي أطلق هذا الاسم فهو الشيخ ابن عاشور، حديثًا على ما سيأتي في خاتمة الكتاب.
وأما دليله على كون ابن رشد قد مهد السبيل لظهور مقاصد الشريعة على يد الشاطبي، فهو أن ابن رشد قد عمل على "عقلنة" الفقه والارتقاء به إلى الموضوعية، وفي هذا يقول: "إذن، هو السعي نحو خلق جهاز متماسك الأجزاء، ومرتكز على العقل، وهذا الحرص على تلمس الموضوعية واليقين، سيمهدان الطريق -في اعتقادنا- إلى ظهور علم جديد على يد الشاطبي" وقد ختم عرضه بالقول: "وأن أشرك ابن رشد في اكتشاف علم جديد هو علم مقاصد الشريعة".
وواضح أن "الدليل" الذي قدمه لنا على إشراكه لابن رشد في اكتشاف "علم مقاصد الشريعة" ليس إلا مجموعة من الدعاوي الغامضة:
فما هو "الجهاز الفقهي المتماسك" الذي قدمه -أو حاول تقديمه- ابن رشد؟ وما معنى هذه المصطلحات الجديدة، والغريبة على الميدان المتكلم فيه؟
وما المقصود بالضبط بالارتكاز على العقل في بناء هذا الجهاز الفقهي؟ وهل ابن رشد متفرد في هذا، عن سائر الفقهاء؟
وهل "تلمس الموضوعية واليقين" أيضًا خاص بابن رشد؟
وإذا سلمنا كل هذا -وليس فيه شيء مسلم- فهل يلزم منه ويثبت به اكتشاف ابن رشد لعلم مقاصد الشريعة؟ وهل الواقع يصدق هذا "اللزوم" المفترض؟
على أن الدكتور تركي قد دعم "اعتقاده" المذكور باستدلال آخر لا يعدم صلة بموضوع المقاصد، ولكن لا يمكن أن يقام عليه مثل هذا الاعتقاد إلا بكثير