يزاد فيه ولا ينقص، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجودًا، ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه، كان ذلك صريحًا في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة، ومخالفة لما قصده الشارع، إذا فهم من قصده: الوقوف عندما حد هنالك، لا الزيادة عليه ولا النقصان منه1.

وواضح أن هذا المسلك من مسالك معرفة المقاصد، يتعلق -بصفة خاصة-بمجال العبادات. وبصفة أخص بمجال الابتداع في الدين وعباداته. حيث إنه بتنصيصه على هذه القاعدة، إنما يريد ضرب البدع، وإغلاق الباب أمام زحفها على العبادات وحدودها وسننها.

وقد اتكأ على هذه القاعدة، وهو يتصدى للبدع وللمبتدعة في كتابه "الاعتصام"، وذلك عند رده المطول على شيخه أبي سعيد بن لب2، حيث أعاد هناك3 ما قاله في "الموافقات" بنصه تقريبًا.

وواضح أيضًا، أن هذا المسلك أضيق مجالًا، بالنسبة للمسالك الأخرى، ولهذا فهو أقلها أهمية. ومن هنا أهمله الشيخ ابن عاشور، فلم يقل به، بل لم يذكره حتى عندما لخص كلام الشاطبي في طرق معرفة المقاصد. وهذا نص تلخيصه أورده -لوجازته- "إن مقصد الشارع يعرف من جهات: إحداها: مجرد الأمر والنهي الابتدائي التصريحي، فإن الأمر كان أمرًا لاقتضائه الفعل. فوقوع الفعل عنده مقصود للشارع. وكذلك النهي في اقتضاء الكف. الثانية: اعتبار علل الأمر والنهي، كالنكاح لمصلحة التناسل. والبيع لمصلحة الانتفاع بالمبيع، الثالثة: أن للشارع في شرع الأحكام مقاصد أصلية ومقاصد تابعة. فمنها منصوص عليه. ومنها مشار إليه، ومنها ما استقري من المنصوص فاستدللنا بذلك على أن كل ما لم ينص عليه مما ذلك شأنه هو مقصود للشارع انتهى حاصل كلامه"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015